ما أهمية حشوات الثدي للمرأة التي تعرضت للاستئصال الكامل؟
مقال: ليلى البلوشي- ممرضة متخصصة في أورام الثدي- ماجستير التمريض المتقدِّم.
عندما تتعرض النساء لاستئصال الثدي الكامل كجزء من علاج سرطان الثدي، حينها يواجهن تحديات جسدية ونفسية كبيرة قد تستمر لسنوات طويلة حتى بعد الانتهاء من مرحلة العلاجات الخاصة بسرطان الثدي؛ وقد يؤثر ذلك سلبًا بشكل ملحوظ على جودة حياتهن الشخصية والاجتماعية.
لقد أكدت الدراسات العلمية أن الاستئصال الكامل للثدي من دون ترميم أو تجميل يحدث آثارًا واضطرابات نفسية عميقة في المرأة مثل الاكتئاب والقلق تجاه الصورة الذاتية، كما أكّدت أن ليس كل المصابات بسرطان الثدي يمكن إجراء عملية ترميم أو تجميل لهن لأسباب تعود إلى حجم الورم، ومرحلته!
لذا تم إيجاد بدائل لهذه الحالات تتمثل في صنع حشوات للثدي مثل الحشوات الصوفية أو القطنية أو حشوات السيليكون أوغيرها؛ إذ تعد الحشوات أداة مهمة تساعد هذه الفئة من النساء على التعامل مع التغيرات الجسدية التي طرأت عليهن، وتعمل على استعادة وتعزيز الثقة بالنفس بعد عملية الاستئصال.
فمن الناحية الجسدية، تساهم الحشوات في تحقيق توازن بصري للجسم. فبعد استئصال الثدي، يمكن أن يحدث اختلال في شكل الجسم وتوازنه، وقد تشعر المرأة بعدم التناسق والانسجام في الشكل الجسدي؛ وهنا تعمل الحشوات على تعويض الثدي المفقود وتوفير شكل طبيعي للصدر، وبذلك تعزز الانسجام والتناسق الجسدي وتساهم في استعادة المرأة لشكلها الطبيعي.
ومن الناحية النفسية، تلعب الحشوات بكل أنواعها دورًا مهمًا في استعادة الثقة المرأة لثقتها بنفسها؛ فبعد استئصال الثدي يمكن أن تشعر المرأة بفقدان الأنوثة والجاذبية، وهذا يؤثر على صورتها الذاتية ونفسيتها، ولكن بفضل الحشوات يمكن للمرأة استعادة الشكل الطبيعي للصدر وملء الفراغ الناجم عن فقدان الثدي، مما يساعدها على استعادة الثقة بنفسها وتحسين صورتها الذاتية أمام المجتمع.
لا يقتصر دور الحشوات على الناحية الجسدية والنفسية فحسب، بل تساهم أيضًا في استعادة النمط الحياتي الطبيعي للمرأة؛ إذ يمكن للمرأة ارتداء الملابس بثقة والمشاركة في الأنشطة اليومية والحياتية كحضور المناسبات والتجمعات العائلية بشكل طبيعي. وبذلك تعزز الحشوات جودة حياة المرأة وتساعدها على التكيف مع التغيرات الجسدية الجديدة الناتجة من العملية الجراحية.
وهنا يصبح دور المجتمع مهمًا من خلال وعيه بأهمية الحشوات للمرأة التي استئصلت الثدي، إذ يساهم هذا الوعي في تقبل المرأة ودعمها في استخدام الحشوات في المرحلة الأولى، كما يمكنه تقليل الاحتكار والتحيزات الاجتماعية التي قد تواجهها المرأة بعد استئصال الثدي مما ينشر روح التضامن والدعم المجتمعي لتلك النساء.
يستطيع المجتمع تقديم الدعم المعنوي والعاطفي للمرأة وتشجيعها على اتخاذ القرارات المناسبة بشأن استخدام الحشوات، كما يمكنه دفع المرأة نحو تعزيز التواصل والتفاهم بينها وبين فريق الرعاية الصحية المعني بحالتها من خلال تشجيعها على طلب الدعم والمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة.
كما يسهم الوعي المجتمعي في تعزيز الأبحاث والابتكار في مجال الحشوات وتطوير تقنيات ومواد جديدة تلبي احتياجات المرأة بشكل أفضل، إذ يمكنه تشجيع الشركات والمؤسسات على توفير المزيد من الخيارات والمنتجات المتاحة للمرأة في هذا الجانب.
إن الهدف من توفير حشوات الثدي هو تحسين جودة الرعاية ودعم النساء في رحلتهن بعد استئصال الثدي، وتحقيق رفاهية المرأة المصابة في المجتمع ومساعدتها على التكيف مع التغيرات الجسدية بعد استئصال الثدي.
ويمكن أن تتعدد أوجه الدعم المجتمعي التي يمكن أن تُقدم للنساء اللاتي خضعن لاستئصال الثدي بسبب السرطان. ومن بين هذه الأوجه:
- الدعم العاطفي: يمكن للمجتمع أن يقدم الدعم العاطفي من خلال تفهم المرأة والتحدث معها والاستماع إلى تجاربها ومخاوفها.
- التوعية والتثقيف: يمكن أن يشمل ذلك إقامة حملات توعوية وندوات وورش عمل لتعزيز الوعي وتقديم المعلومات الصحيحة والمفيدة حول أهمية الحشوات للمرأة التي استأصلت الثدي.
- الدعم المادي: يمكن للمؤسسات المجتمعية تقديم الدعم المادي لإنشاء مبادرات لصنع الحشوات ذات الجودة العالية للمرأة التي استأصلت الثدي.
- إلغاء النمط الثقافي السلبي: أي النمط المتعلق بمعايير الجمال والثقة بالنفس والجسم، ويجب تشجيع المجتمع على قبول التنوع الجمالي والتفكير بشكل أكثر شمولية ومرونة حول المفهوم الجمالي.